فأما قول الشاعر1:
ليت شعري هل ثم هل آتينهم ... أم يحولن من دون ذاك الردى2
فتقديره: هل آتينهم ثم هل آتينهم، وإنما جاز اقتطاع الجملة الأولى بعد "هل" الأولى لأنه قد عطف عليها "هل" الثانية وما ارتبطت به من الجملة المستفهم عنها، فدل ذلك على ما أراده في أول كلامه، وهذا واضح.
أو أن تكون "أن" التي معناها العبارة كالتي في قوله عز وجل: {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا} [ص: 6] 3 قالوا: معناه أي امشوا. وهذه أيضا لا يجوز الوقوف عليها؛ لأنها تأتي ليعبر بها وبما بعدها عن معنى الفعل الذي قبلها، فالكلام شديد الحاجة إلى ما بعدها ليفسر به ما قبلها، فبحسب ذلك يمتنع الوقوف عليها. ويدلك في الجملة على شدة اتصال الحروف بما ضمنت إليه أنك تجد بعضها قد صيغ في نفس الكلمة ووسطها، وجرى مجرى ما هو دزء من أصل تصريفها، وهو ألف التكسير وياء التحقير، نحو "دارهم" و"دريهم" و"دنانير" و"دنينير"، ولم نجد شيئا من الأسماء ولا الأفعال صيغ واسطا في أنفي المثل كما صيغت ألف التكسير وياء التحقير فهذا في الجملة يؤكد عندك ضعف الحروف وقوة حاجتها إلى ما تتصل به، فلما كانت "عن" و"أن" بحيث ذكرنا من الضعف وفرط الضرورة إلى اتصالهما بما بعدهما لم يجز الوقوف عليها، ولما لم يجز ذلك لم تبدل الألف من نونها، وليست كذلك "إذن" لأنهما قد تقع آخرا، فيوقف عليها في نحو قولك: