وأما الصاد التي كالزاي، فهي التي يقل همسها1 قليلا، ويحدث فيها ضرب من الجهر، لمضارعتها2 الزاي، وذلك قولك في يصدر يصدر، وفي قصد قصد3.
ومن العرب من يخلصها زايا، فيقول يزدر وقزد، وقالوا في مثل لهم: "لم يحرم من فزد له" أي فصد له. وتأويل هذا أن الرجل كان يضيف الرجل في شدة الزمان، فلا يكون عنده ما يقريه4، ويشح أن ينحر راحلته له، فيفصدها5، فإذا خرج الدم سخنه للضيف، إلى أن يجمد ويقوى، فيطعمه أياه6، فجرى المثل في هذا، فقيل: "لم يحرم من فزد له". أي لم يحرم القرى من فصدت له، إلا أنه أسكن الصاد تخفيفا، كما يقال في ضرب زيد: ضرب، وفي قتل: قتل، فلما سكنت الصاد ضارعوا7 بها الدال التي بعدها، بأن قلبوها إلى أشبه الحروف بالدال من مخرج الصاد، وهي الزاي، لأنها مجهورة8، كما أن الدال مجهورة، فقالوا: فزد. فإن تحركت الصاد لم يجز فيها البدل، وذلك نحو صدر وصدف، لا تقول فيه زدر ولا زدف، وذلك أن الحركة قوت الحرف وحصنته، فأبعدته من الانقلاب، بل قد يجوز فيها إذا تحركت إشمامها9 رائحة الزاي، فأما أن