ومن ذلك "رمى، وسعى، ودعا، وعدا" للقولك: "الرمي، والسعي، والعدو والدعو" فهذا حكم الياء والواو، متى تحركتا وانفتح ما قبلهما قلبتا ألفا إلا أن يضطر أمر إلى ترك قلبهما، وذلك نحو قولك للاثنين: "قضيا، ورميا، وخلوا، ودعوا" وإنما صحتا هنا ولم تقلبا ألفا، لأنهم لو قلبوها ألفا وبعدها ألف تثنية الضمير لوجب أن تحذف إحداهما لالتقاء الساكنين، فيزول لفظ التثنية، ويلتبس الاثنان بالواحد. ونحو من ذلك قولهم: "النفيان" و"الغليان" و"الصميان"1 و"العدوان"2 و"النزوان"3 و"الكروان"4، ألا ترى أنهم لو قلبوا الياء والواو هنا ألفين وبعدهما ألف "فعلان" لوجب حذف إحدهما، وأن تقول "نفان" و"غلان" و"صمان" و"عدان" و"نزان" و"كران" فيلتبس "فعلان" مما اعتلت لامه ب "فعال" مما لامه نون، فترك ذلك لذلك.

وربما جاء شئ من ذلك على أصله صحيحا غير معل ليكون دليلا على الأصول المغيرة، وذلك قولهم "الصيد"5 و"الجيد"6 و"القود"7 و"الأود"8 و"الحوكة" و"الخونة" جمع "حائك"9 و"خائن" فأما قولهم في "ييأس": "ياءس" وفي "يوجل": "ياجل" فإنما قلبوا الياء والواو فيهما وإن كانتا ساكنتين تخفيفا، وذلك أنهم رأوا أن جمع الياء والألف أسهل عليهم من جمع الياءين، والياء والواو، وقد حملهم طلب الخفة على أن قالوا في "الحيرة": "حاري" وفي "طيئ": "طائي" قال10:

إذ هي أحوى من الربعي خاذلة ... والعين بالإثمد الحاري مكحول11

طور بواسطة نورين ميديا © 2015