معناه عندهم: قلبتم ظهر المجن لنا. فأما أصحابنا فيدفعون هذا التأويل البتة، ولا يجيزون زيادة هذه الواو ويرون أن أجوبة هذه الأشياء محذوفة للعلم بها والاعتياد في مثلها، وتأويل ذلك عندنا على معنى: فلما أسلما وتله للجبين، وناديناه أن يا إبراهيم قد صدَّقْتَ الرؤيا أدركَ ثوابَنا، ونال المنزلةَ الرفيعةَ عندنا.
وكذلك: إذا السماء انشقت وكان كذا وكذا عرف كل واحد ما صار إليه من ثواب وعقاب1. ودليل ذلك قوله عَزَّ اسْمُهُ {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير: 1] 2 وكان كذا وكذا {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ} [التكوير: 14] 3.
وكقوله تعالى فى موضع آخر: {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} [الانفطار: 1] 4 {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ} [الانفطار: 5] ، وكذلك قوله عَزَّ وَجَلَّ: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ} تقديره: صادفوا الثواب الذي وُعِدُوه.
وكذلك قول الشاعر:
حتى إذا قَمِلَتْ بُطُونُكُمُ ... ورأيتُم أبناءكُم شَبُّوا
وقَلَبْتُم ظهرَ المِجَنّ لنا ... إنَّ الغَدُور الفاحشُ الخبّ5
تقديره: لما كان هذا كله منكم عرف الناس غدرَكُم، واستحقَقْتُم صرف اللائمة إليكم/ أو نحو ذلك مما يصح لمثله أن يكونَ جوابًا عن هذا، وصار أيضًا قوله: "إن الغدور الفاحش الخب" بدلا من الجواب ودليلا عليه.