أراد: وغبائقي، وقيلاتي فحذف حرف العطف. وهذا عندنا ضعيف في القياس، معدوم في الاستعمال. ووجه ضعفه أن حرف العطف فيه ضرب من الاختصار، وذلك أنه قد أقيم مقام العامل؛ ألا ترى أن قولك: قام زيد وعمرو، أصله: قام زيد وقام عمرو، فحذفت "قام" الثانية، وبقيت الواو كأنها عوض منها، فإذا ذهبت تحذف الواو النائبة عن الفعل تجاوزت حد الاختصار إلى مذهب الانتهاك1 والإجحاف2، فلذلك رفض ذلك، وقد تقدم من القول في هذا المعنى ما هو مغنٍ بإذن الله تعالى.
وشيء آخر، وهو أنك لو حذفت حرف العطف لتجاوزت قبح الإجحاف إلى كلفة الإشكال، وذلك أنك لو حذفت الواو في نحو قولك: ضربت زيدًا وأبا عمرو، فقلت: ضربت زيدًا أبا عمرو، لأوهمت أن زيدًا هو أبو عمرو، ولم يعلم من هذا أن "زيدا" غير "أبي عمرو" فلما اجتمع إلى الإجحاف الإشكال قبح الحذف جدًّا. وكما أنابوا حرف العطف عن العامل فيما ذكرنا وما يجري مجراه، نحو: ضربت زيدًا فبكرًا، وكلمت محمدًا ثم سعيدًا، وجاءني محمد لا صالح، كذلك أيضًا قد أنابوا الواو مناب "رب" في نحو قوله3: