ولأبي علي أن يقول منتصرًا لكون الألف منقلبة عن ياء: إن الذي ذهبت أنا إليه أسوغ وأقل فحشًا مما ذهب إليه أبو الحسن، وذلك أني وإن قضيت بأن الفاء واللام واوان وكان هذا أيضًا لا نظير له، فإني قد رأيت العرب جعلت الفاء واللام من لفظ واحد كثيرًا، نحو "سَلِسَ"1 و"قَلِقَ" و"حَرْحٍ"2 و"دَعْدٍ" و"فَيْفٍ"3 فهذا وإن لم يكن فيه واو فإنا قد وجدنا فاءه ولامه من لفظ واحد.
وقالوا أيضًا في الياء التي هي أخت الواو "يَدَيْتُ إليه يدًا" ولم نرهم جعلوا الفاء والعين واللام جميعًا من موضع واحد لا من واو ولا من غيرها، فقد دخل أبو الحسن معي في أن اعترف بأن الفاء واللام واوان إذ لم يجد بُدًّا من الاعتراف بذلك، كما لم أجده أنا، ثم إنه زاد على ما ذهبنا إليه جميعًا شيئًا لا نظير له في حرف من الكلام البتة، وهو جعله الفاء والعين واللام من لفظ واحد. فأما ما أنشَدَناه أبو علي من قول هند بنت أبي سفيان لابنها عبد الله بن الحارث4:
لأنكحن بَبَّهْ ... جارية خِدَبَّهْ
مُكْرَمًة محبَّهْ ... تَجُبُّ أهلَ الكعْبَة5
فإنما "بَبَّه" حكاية الصوت الذي كانت ترقصه عليه، وليس باسم، وإنما هو كـ "قَبْ" لصوت وقع السيف، و"طِيخ" للضحك، ومثله صوت الشيء إذا