فأما قول بعضهم1:
لو شئت قد نَقَعَ الفؤادُ بشربةٍ ... تدعُ الحوائمَ لا يجُدن غليلا2
بضم الجيم فلغة شاذة غير معتد بها لضعفها وعدم نظيرها ومخالفتها لما عليه الكافة مما هو بخلاف وضعها ورأيناهم مع ذلك إذا كان الماضي على "فَعَلَ" ولامه واو فعين مضارعه أبدًا مضمومة، وذلك نحو "غَزَوْتُ أَغْزُو" و"دَعَوْتُ أَدْعُو". وهذا أيضًا أصل مستمر غير منكسر، فلو صاغوا مثل "وَعَوْتُ" لوجب عليهم في المضارع أن يكسروا العين كما كسروا عين "يعد" وأن يضموها أيضًا كما يضمون عين "يغزو" فلما كان بناؤهم مثل "وعوت" يدعوهم إلى أن تكون العين في المضارع مضمومة مكسورة في حال واحد رفضوه البتة فلم يبنوه مخافة أن يصيروا إلى التزام جمع بين حركتين ضدين في حرف واحد.
فإن قلت: فهلا بنوه على "فعُلت" بضم العين، فقالوا: "وَعُوتُ أَوْعُو" وأجروه في ضم عينه بعد الفاء التي هي واو مجرى "وَضُؤَتْ تَوْضُؤُ" و"وَطُؤَ الدابةَ يَوْطُؤُ"؟
فالجواب: أن "فعَلت" أكثر في الكلام من "فعُلت" ألا ترى أن "فعُلت" لا يكون إلا لتنقل الهيئة والحال نحو: ما كان كريمًا ولقد كَرُمَ، وما كان ظريفًا ولقد ظَرُفَ، وما كان جميلا ولقد جَمُلَ، وما كان صبيحا ولقد صَبُحَ، وهي أيضًا غير