قال امرء القيس:

صم صداها وعفا رسمها ... واستعجمت عن منطق السائل1

فإن قال قائل فيما بعد: إن جميع ما قدمته يدل على أن تصريف "ع ج م" في كلامهم موضوع للإبهام، وخلاف الإيضاح، وأنت إذا قلت: أعجمت الكتاب، فإنما معناه أوضحته وبينته، فقد ترى هذا الفصل مخالفا لجميع ما ذكرته، فمن أين لك الجمع بينه وبين ما قدمته؟ 2

فالجواب: أن قولهم أعجمت وزنه أفعلت، وأفعلت هذه وإن كانت في غالب أمرها إنما تأتي للإثبات والإيجاب، نحو: أكرمت زيدا، أي أوجبت له الكرامة، وأحسنت إليه، أثبت الإحسان إليه، وكذلك أعطيته وأدنيته وأسعدته وأنقذته، فقد أوجبت جميع هذه الأشياء له -فقد تأتي أفعلت أيضا يراد بها السلب والنفي، وذلك نحو: أشكيت زيدا: إذا زلت3 له عما يشكوه.

أنشدنا أبو علي قال: أنشد أبو زيد:

تمد بالأعناق أو تلويها ... وتشتكي لو أننا نشكيها4

أي لو أننا نزول لها عما تشكوه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015