ونحوه قول الآخر1:
يارب مثلك في النساء غريزة ... بيضاء قد متعتها بطلاق2
أي: مثل لك، لأن "رب" لا تباشر المعارف المظهرة، وعلى هذا قالوا: ناقة عبر الهواجر3، وفرس قيد الأوابد4، أي: عابرة للهواجر، ومقيدة للأوابد4.
فلما كثر في كلامهم أن تكون الإضافة لفظية غير معنوية؛ تسامحوا في الأسماء المخلوع عنها تعريف العلم بتعريف الإضافة فقالوا: "ضربت زيدك"، و"كلمت عمرك"، ولم يقولوا: "جاءني العمرو"، و"لا كلمت الزيد" إلا في قلة من الكلام؛ لأن اللام لا ينوى فيها الانفصال كما ينوى في الإضافة معنى الانفصال في كثير من الأحوال؛ فلا تجد اللام معرفة للأعلام كما تعرفها الإضافة في نحو عبد الله وبابه، وأبي محمد ونحوه؛ فيعلم بهذا أن التعريف باللام ألزم في اللفظ عندهم مما تعرف بالإضافة لما قدما ذكره، فلذلك احتملوا أن يقولوا زيدنا ومحمدكم، ولم يقولوا البكر ولا العمرو إلا شاذًا.
فإن قلت: فقد قالوا العباس والحارث والعلاء والفضل، وقد نراهم عرفوا العلم باللام كما عرفوه بالإضافة في نحو "عبد الله" و"أبي بكر"!
فالجواب: أن العباس والحارث والعلاء والفضل ونحو ذلك من الأوصاف الغالبة والمصادر المقدر فيها جريانها أوصافًا إنما تعرفت بالوضع دون اللام؛ وإنما أقرت اللام فيها بعد النقل وكونها علمًا مراعاة لمذهب الوصف فيها قبل النقل، وقد تقدم تفسيرنا ذلك في صدر هذا الكتاب وغيره.