ولو ذهب ذاهب إلى أن الميم في "مخر" أصل غير مبدلة على أن يجعله من قوله عَزَّ اسْمُهُ: {وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ} [فاطر: 12] 1 وذلك أن السحاب كأنها تمخر البحر؛ لأنها في ما يذهب إليه عنه تنشأ، ومنه تبدأ؛ لكان عندي مصيبًا غير مبعد؛ ألا ترى إلى قول أبي ذؤيب في وصف السحاب2:
شربن بماء البحر ثم ترفعت ... متى لجج خضر لهن نئيج3
وأخبرنا أبو علي أيضًا يرفعه بإسناده إلى أبي عمرو الشيباني قال: "يقال: ما زلت راتمًا على هذا وراتبًا، أي مقيمًا"4؛ فالظاهر من أمر هذه الميم أن تكون بدلًا من باء راتب؛ لأنا لم نسمع في هذا الموضع رتم5 مثل رتب.
وتحتمل الميم في هذا عندي أن تكون أصلًا غير بدل، من الرتيمة، وهى شيء كان أهل الجاهلية يرونه بينهم، وذلك أن الرجل منهم كان إذا أراد سفرًا عمد إلى غصنين من شجرتين تقرب إحداهما من الأخرى، فعقد أحدهما بصاحبه؛ فإذا عاد ورأى الغصنين معقودين بحالهما قال: إن امرأته لم تخنه بعد، وإن رأى الغصنين قد انحلا قال: امرأته قد خانته، قال الراجز6:
هل ينفعك اليوم إن همت بهم ... كثرة ما توصي وتعقاد الرتم7