المزجور مجيبًا: ما هو إلا الحق؛ فتقول أنت منكرًا عليه ومتعجبًا منه: هذا يقول: الباطل حق، ويقول: الغي رشد، وهو لم يقل إنه باطل، والا إنه غي، بل هو يعتقد فيه ضد البطلان والغواية1؛ ولكن صار تقديره: هذا يقول: إن ما يفعله- وهو باطل عندي - حق عنده؛ فسميته باطلًا على طريق الحكاية لا على أنه على الحقيقة عنده باطل، وكيف يجوز أن يعتقد فيه أنه باطل، ثم يعتقد مع ذلك أنه حق، هذا ظاهر التناقض.

فكذلك قوله عَزَّ اسْمُهُ: {يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ} [الحج: 13] 2 معناه: يقول: إن معبوده الذي ضره أقرب من نفعه عندي إله عنده، وقد جاءت هذه الحكاية عنهم مجيئًا متسعًا.

أنشدني أبو علي لرجل يهجو جريرًا3:

أبلغ كليبًا، أبلغ عنك شاعرها ... أني الأغر وأني زهرة اليمن4

فقال جرير مجيبًا:

ألم تكن في وسوم قد وسمت بها ... من حان موعظة يا زهرة اليمن5

فسماه زهرة اليمن على مذهب الحكاية لقوله، أي: يا من قال إني زهرة اليمن، ولست عندي كذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015