مقدر، ومعناه: والله لقد علموا، واللام في "لمن اشتراه" لام الابتداء، و"من" بمنزلة الذي، وتقديره -والله أعلم- والله لقد علموا للذي اشتراه ما له في الآخرة من خلاق، و"الذي" في موضع رفع بالابتداء، وصلته اشتراه، وقوله عز وجل: {مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} خبر "الذي"، والجملة التي هي مبتدأ وخبر في موضع نصب بعلموا، كما تقول: "قد علمت لزيد أفضل منك"، و"لقد علمت أزيد عندك أم عمرو"، فلام الابتداء في هذا وهمزة الاستفهام في إقطاعهما الاسم من العامل الذي قبله، وحولهما بينه وبينه سواء. فهذا هو الوجه أن تجعل من بمنزلة "الذي"، واللام فيه لام الابتداء، وهو مذهب سيبويه1.
وفيه وجه ثان ذهب إليه غيره، وهو أن تجعل "من" شرطًا، وتجعل اللام فيه كالتي تعترض زائدة بين القسم والمقسم عليه نحو قوله عز وجل: {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا} [الروم: 51] 2 فيصير التقدير "والله لقد علموا لئن أحد اشتراه ما له في الآخرة من خلاق"؛ فيجري هذا مجرى قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ} [آل عمران: 81] 3 أي: "لئن آتيتكم شيئًا من كتاب وحكمة". على أن مذهب سيبويه والخليل4 أن "ما" ههنا بمنزلة "الذي"، واللام فيها لام الابتداء. وفى اعتقاد من جعل "من" في قوله عَزَّ اسْمُهُ: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ} [البقرة: 102] شرطًا بعض الضعف؛ وذلك أن "علموا" تقتضي مفعوليها؛ فإذا أوقعت القسم بعدها حتى يصير كأنه قال: "ولقد علموا والله لئن اشتراه أحد ما له في الآخرة من خلاق"، وأصل "والله" -كما علمت- أحلف بالله؛ فقد صار التقدير -والله أعلم-: ولقد علموا -أحلف بالله- لئن اشتراه أحد ليكونن كذا وكذا، وإذا تأدى الأمر إلى هذا؛ قبح أن يلي "علمت" فعل القسم؛ لأن "علمت" وأخواتها إنما تدخل على المبتدأ وخبره لا على الفعل وفاعله.