فإن قلت: فـ "أي" أيضًا على ثلاثة أحرف؛ فهلا دخلت اللام عليها، فقيل: "مررت بزيد الأي أخوه منطلق"، كما تقول: "الذي أخوه منطلق"، ويكون "الأي" في الوصف بمنزلة "الرث"1 و"الصب"2 و"الخب"3، كما كان "الذي" منزلة "العمي" و"الجوي"4 و"الندي"؟

فالجواب: أن في "أي" سرًا يمنع من هذا الذي سُمْتَه فيها، وأن الحكمة في عدولهم عنها إلى "الذي"؛ وذلك أن "أيًا" في أي موضع وقعت من كلامهم من الخبر والاستفهام والشرط والتعجب؛ فليست منفكة من معنى الإضافة؛ لأنها أبدًا بعض من كل؛ فلا بد من اعتقاد إضافتها وإرادتها لفظًا أو معنى فيها؛ فلما شاع فيها معنى الإضافة بعدت عن الصفة، فلم توضع موضعًا يُقْتَصر بها لأجله على الصفة البتة كما فعل ذلك بـ "الذي"؛ وإنما منعت الإضافة من ذلك لأنها تنافر الصفة في اللفظ والمعنى، أما في اللفظ: فلأن كل صفة معرفة، فلا بد فيها من لام المعرفة على ما تقدم، ولام المعرفة لا تجامع الإضافة لأنهما يتعقبان الكلمة، فلا يجتمعان معًا، فأما قولهم: "الحسن الوجه"، و"الكريم الأب" وبابهما؛ فإن الإضافة فيهما غير محضة5، وتقدير الانفصال فيهما واجب، ألا ترى أن المعنى: "الحسن وجهه"، و"الكريم أبوه"؛ على أن هذا الاتساع في اللفظ بالجمع بين اللام والإضافة إنما جاء في الصفات المشتقة من الأفعال6 نحو: الحسن من حَسُنَ، والظريف من ظَرُفَ، و"أي" ليست بصفة ولا جارية على فعل؛ فبعدت من أحكام الصفات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015