ومحال أيضًا أن يكون من الأسماء المتعرفة بالإضافة؛ لأنا لا نشاهد بعده اسمًا هو مضاف إليه؛ فإذا بطلت، واستحالت الأربعة الأوجه1 المقد ذكرها؛ لم يبق إلا أن يكون معرفًا باللام نحو الرجل والغلام. وقد دلت الدلالة على أن "الآن" ليس معرفًا باللام الظاهرة التي فيه؛ لأنه لو كان معرفًا بها؛ لجاز سقوطها منه؛ فلزوم هذه اللام الآن؛ دلالة على أنها ليست للتعريف، وإذا كان معرفًا باللام لا محالة، واستحال أن تكون التي فيه هي التي عرفته؛ وجب أن يكون معرفًا بلام أخرى محذوفة غير هذه الظاهرة التي فيه، بمنزلة أمس في أنه تعرف بلام مرادة، والقول فيهما واحد؛ ولذلك بنيا لتضمنهما معنى حرف التعريف.
وهذا رأي أبي علي، وعنه أخذته، وهو الصواب الذب لا بد من القول به.
وأما الألف واللام في "الذي" و"التي" وبابهما من الأسماء الموصولة؛ فيدل على زيادتها وجودك أسماء موصولة مثلها معراة من الألف واللام وهي مع ذلك معرفة، وتلك: من، وما وأي في نحو قولك: "ضربت من عندك"، و"أكلت ما أطعمتني"، و"لأضربن أيهم يقوم"؛ فتعرف هذه الأسماء التي هي أخوات الذي والتي بغير لام، وحصول ذلك لها بما تبعها من صلاتها دون اللام؛ يدل على أن الذي إنما تعرفه بصلته دون اللام التي فيه، وأن اللام فيه زائدة؛ إلا أنها زيادة لازمة.
فإن قال قائل: فما كانت الحاجة إلى زيادة اللام في الذي والتي ونحوهما حتى أنها لما زيدت لزمت؟
فالجواب: أن "الذي" إنما وقع في الكلام توصلًا إلى وصف المعارف بالجمل، وذلك أن الجمل نكرات، ألا تراها تجري أوصافًا على النكرات في نحو قولك: مررت برجل أبوه كريم، ونظرت إلى غلام قامت أخته؛ فلما أريد مثل هذا في المعرفة بم يمكن أن تقول: مررت بزيد أبوه كريم؛ على أن تكون الجملة وصفًا لزيد؛ لأنه قد ثبت أن الجملة نكرة، ومحال أن توصف المعرفة بالنكرة؛ فجرى هذا في الامتناع مجرى امتناعهم أن يقولوا: "مررت بزيد كريم" على الوصف؛ فإذا كان الوصف جملة نحو: مررت برجل أبوه كريم؛ لم يكن إذا أرادوا وصف المعرفة بنحو ذلك أن يدخلوا اللام