الثالث نحو قولك: الملك أفضل من الإنسان، والعسل حلو، والخل حامض، وأهلك الناس الدينار والدرهم1؛ فهذا التعريف لا يجوز أن يكون عن إحاطة بجميع الجنس ولا مشاهدة له؛ لأن ذلك متعذر غير ممكن؛ لأنه لا يمكن أحد أن يشاهد جميع الدراهم، ولا جميع الدنانير، ولا جميع العسل، ولا جميع الخل، وإنما معناه أن كل واحد من هذا الجنس المعروف بالعقول دون حاسة المشاهدة، أفضل من كل واحد من الجنس الآخر، وأن كل جزء من العسل الشائع في الدنيا حلو، وكل جزء من الخل الذي لا تمكن مشاهدة جميعه حامضًا.
الرابع: قوله عز وجل: {الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ} [البقرة: 71] ؛ فالألف واللام في "الآن" زائدة، وكذلك لام الذي والتي وتثنيتهما وجمعهما، ولام اللات والعزى في قول أبي الحسن2، ولا أعرف لسيبويه فيه خلافًا.
ولهذا نظائر3 سأذكرها إن شاء الله تبارك وتعالى.
فالذي يدل على أن اللام في "الآن" زائدة؛ أنها لا تخلو من أن تكون للتعريف كما يظن مخالفنا أو تكون زائدة لغير التعريف كما نقول نحن.
فالذي يدل على أنها لغير التعريف أنا اعتبرنا جميع ما لامه للتعريف؛ فإذًا إسقاط لامه جائز فيه، وذلك نحو: الرجل ورجل، والغلام وغلام، ولم يقولوا: "افعله آن"، كما قالوا: "افعله الآن".
فدل هذا على أن اللام فيه ليست للتعريف، بل هي زائدة كما يزاد غيرها من الحروف، وإذا ثبت أنها زائدة؛ فقد وجب النظر في ما تعرف به الآن؛ فلا يخلو من أحد وجوه التعريف الخمسة، إما لأنه من الأسماء المضمرة4، أو من