وأما لم سَكَّنُوه؛ فالجواب عنه أن تسكينه أشد وأبلغ في إضعافهم إياه وإعلامهم حاجته إلى ما اتصل به؛ لأن الساكن أضعف من المتحرك وأشد حاجة وافتقارًا إلى ما يتصل به.

وأما لم اختاروا له اللام دون سائر حروف المعجم، فالجواب عنه أنهم إنما أرادوا إدغام حرف التعريف في ما بعده؛ لأن الحرف المدغم أضعف من الحرف الساكن غير المدغم، ليكون إدغامه دليلًا على شدة اتصاله وأقوى منه علية لو كان ساكنًا غير مدغم؛ فلما آثروا إدغامه1 في ما بعده لما ذكرناه اعتبروا حروف المعجم؛ فلم يجدوا فيها حرفًا أشد مشاركة لأكثر الحروف من اللام. وقد ذكرنا هذا وغيره من حال اللام عند ذكر مخارج الحروف ومدارجها في أول الكتاب؛ فعدلوا إلى اللام لأنها تجاور أكثر حروف الفم التي هي معظم الحروف، ليصلوا بذلك إلى الإدغام المترجم عما اعتزموه من شدة اتصال حرف التعريف بما عرفه؛ فيستدل بذلك على أنه قد نقله عن معنى التنكير إلى معنى التعريف كما نقلت ياء التحقير معنى التكبير، وأفادت التصغير، وكما أفادت ألف التكسير معنى الجمع بعد الإفراد، ولو جاءوا بغير اللام للتعريف؛ لما أمكنهم أن يكثر إدغامها كما أمكنهم ذلك مع اللام.

وإدغامهم إياها مع ثلاثة عشر حرفًا، وهي: التاء، والثاء، والدال، والذال، والراء، والزاي، والسين، والشين، والصاد، والضاد، والطاء، والظاء، والنون، وذلك قولهم: التمر، الثريد، والدبس، والذرق2، والرطب، والزبد، والسفرجل3، والشعير، والصناب4، والضرو5، والطبخ6، والظبي، والنبق7.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015