وقال أبو زيد: سمعت من يقول "وَمَا كَانَ اللَّهُ لَيُعَذِّبَهُم"1 [الأنفال: 33] بفتح اللام. وهذا من الشذوذ بحيث لايقاس عليه. وأشد منه ما حكاه اللحياني عن بعضهم أنه كسر اللام الجارة مع المضمر2، فقال: المال له؛ وإنما كان هذا أشد من الأول من قبل أن أصل اللام الفتح؛ فإذا ردت في بعض المواضع على ضرب من التأول إليه؛ فله وجه من القياس. وأما الكسر ففرع، والحمل على الأصول أجوز من النزول إلى الفروع. ووجه جوازه أنه لما شبه المظهر بالمضمر فى فتح لام الجر معه نحو قراءة سعيد بن جبير وغيرها، كذلك شبه المضمر بالمظهر فى كسر لام الجر معه فى هذه الحكاية الشاذة. وكما شبهت الباء فى بزيد باللام فى لِزيد حتى كسرت مثلها؛ كذلك جاز أيضًا لبعضهم أن شبه الباء باللام؛ ففتحها مع المضمر كما يفتح اللام معه، وذلك أيضًا فى ما حكاه اللحياني من قول بعضهم: مررت به، بفتح الباء3، وهذه التشابيه إنما تقع شبيهًا بالغلط، على أن أصحابنا فى كثير مما يحكيه اللحياني كالمتوقفين.
حكى أبو العباس عن إسحاق بن إبراهيم، قال: سمعت اللحياني ينشد:
كم عمة لك يا جرير وخالة ... فدعاء قد جليت علي عشار4
فقلت له: ويحك! إنما هو: قد حلبت علي عشاري، فقال لي: وهذه أيضًا رواية.