والحروف التي اتسعت مخارجها ثلاثة: الألف، ثم الياء، ثم الواو، وأوسعها وألينها الألف، إلا أن الصوت الذي يجري في الألف مخالف للصوت الذي يجري في الياء والواو، والصوت الذي يجري في الياء مخالف للصوت الذي يجري في الألف والواو.
والعلة في ذلك أنك تجد الفم والحلق في ثلاث الأحوال، مختلف الأشكال، أما الألف فتجد الحلق والفم معها منفتحين، غير معترضين على الصوت بضغط أو حصر، وأما الياء فنجد معها الأضراس سفلا وعلوا قد اكتنفت1 جنبتي2 اللسان وضغطته، وتفاج3 الحنك عن ظهر اللسان، فجرى الصوت متصعدا هناك، فلأجل تلك الفجوة ما استطال4، وأما الواو فتضم لها معظم الشفتين، وتدع بينهما بعض الانفراج، ليخرج فيه النفس، ويتصل الصوت. فلما اختلفت أشكال الحلق والفم والشفتين مع هذه الاحرف الثلاثة اختلف الصدى المنبعث5 من الصدر، وذلك قولك في الألف أاْ، وفي الياء إيْ، وفي الواو أُوْ.
ولأجل ما ذكرنا من اختلاف الأجراس في حروف المعجم باختلاف مقاطعها، التي هي أسباب تباين
أصدائها، ما شبه بعضهم الحلق والفم بالناي6، فإن الصوت يخرج فيه مستطيلا أملس ساذجا7، كما يجري الصوت في الألف غفلا8 بغير صنعة، فإذا وضع الزامر أنامله على خروق الناي المنسوقة9، وراوح بين أنامله،