وأحوال كل حرف منها، وكيف مواقعه في كلام العرب. وأن اتقصى1 القول في ذلك، وأشبعه وأوكده2، فاتبعت ما رسمته، ونتهيت إلى ما مثلته، ولم أجد مع ما أنا بسبيله، وأنت أدام الله عزك، أعدل شاهد لي بما لي من الغرض والمدل بهذه الصناعة، الكثير منتحلها3 والقانع بالتمويه فيها، القليل محصلها والمطالب نفسه بأداء فروضها، لا مقيما عذرا لي في الوقوف دون أمرك، ولا مسهلا على الإخلال4 بموجب حقك، لما يصلني بك من مرعي الذمم، ويضمني إليك من وكيد العصم.
وأنا بإذن الله ومعونته، وطوله ومشيئته، أبلغ من ذلك فوق قدر5 الكفاية، وأحرز فيه بتوفيق الله قصب الغاية، وأجتنب 6 مع ذلك الإسهاب 7 والإطالة، إلا فيما تضمن نكتا8، أو آثار دفينا، وأتبع كل حرف منها مما رويته عن حذاق9 أصحابنا وجلتهم10، وحذوته11 على مقاييسهم وأمثلتهم، ما أقدر أن فيه بلوغا لأمدك، وإصابة لغرضك. وأذكر أحوال هذه الحروف في مخارجها ومدارجها12.