وأصل هذا كله قضاي، وسقاي، وشفاي، وكساو، وشقاو وعلاو، لأنها من قضيت، وسقيت، وشفيت، وكسوت، والشقوة، وعلوت. فلما وقعت الياء والواو طرفين، بعد ألف زائدة، ضعفتا لتطرفهما، ووقعوهما بعد الألف الزائدة المشبهة للفتحة في زيادتها.
فكما قلبت الواو والياء ألفا لتحركهما ووقوعهما بعد الفتحة في نحو: عصا رحى1، كذلك قلبتا ألفا أيضا، لتطرفهما وضعفهما، وكون الألف زائدة قبلهما في نحو كساء ورداء، فصار التقدير: قضا ا، وسقا ا، وشفا ا، وكسا ا، وشقا ا، وعلا ا، فلما التقى ساكنان كرهوا حذف أحدهما، فيعود الممدود مقصورا، فحركوا الألف الآخرة لالتقائهما، فانقلبت ههمزة، فصارت قضاء وسقاء وكساء وعلاء، فالهمزة في الحقيقة إنما هي بدل من الألف، والألف التي أبدلت الهمزة عنها بدل من الياء والواو، إلا أن النحويين إنما اعتادوا هنا أن يقولوا: إن الهمزة منقلبة من ياء أو واو، ولم يقولوا من ألف، لأنهم تجوزوا في ذلك، ولأن تلك الألف التي انقلبت عنها الهمزة، هي بدل من الياء أو الواو، فلما كانت بدلا منها، جاز أن يقال إن الهمزة منقلبة عنها، فأما الحقيقة فإن الهمزة بدل من الألف المبدلة عن الياء والواو، وهذا مذهب أهل النظر الصحيح في هذه الصناعة2، وعليه حذاق3 أصحابنا، فاعرفه.
فأما قولهم عباءة وصلاءة وعظاءة4، فقد كان ينبغي لما لحقت الهاء آخرا، وجرى الإعراب عليها، وقويت الياء، بعدها عن الطرف، ألا يهمز، وألا يجوز فيه الأمران، كما اقتصر في نهاية، وغباوة، وشقاوة، وسعاية، ورماية على التصحيح دون الإعلال، إلا أن الخليل5 رحمه الله قد علل ذلك، فقال: إنهم إنما بنوا