سر الفصاحه (صفحة 53)

وقالوا لما دخل ضمرة بن ضمرة1 على النعمان بن المنذر احتقره لما رأى من دمامته وقال: تسمع بالمعيدي2 خير من أن تراه. فقال: أبيت اللعن أن الرجال لا تكال بالقفزان وليست تستقي فيها وإنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه إن صال صال بحنان وأن نطق نطق بلسان.

وأنشدوا لأبي الأعور السلمى:

كائن ترى من صامت لك معجب ... زيادته أو نقصه في التكلم

لسان الفتى نصف ونصف فؤاده ... فلم يبق إلا صورة اللحم والدم3

وهذان البيتان قد ذكرتهما فيما تقدم حكاية عن أبي طالب العبدي لكن هذا موضعهما.

وقيل لزيد بن علي عليهما السلام: الصمت أفضل أم الكلام فقال أخزى الله المساكتة فما أفسدها للسان وأجلبها للحصر والله إن المماراة على ما فيها لأقل ضرراً من السكتة التي تورث أدواء أيسرها العي.

وأنت إذا سمعتهم يمدحون الصمت وينظمون القريض في مدحه ويذكرون جنايات اللسان وكلومه ويروون عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: "وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم" ويقولون لو كان الكلام من فضة كان الصمت من ذهب. وأشباه هذا ونظائره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015