شريفة وصفة مبالغة لما وصف بذلك. ثم يقال للإنسان الذي يورد ما تقل فائدته: هذا ليس بكلام. فقد بان بما ذكرته موضع المبالغة في قولهم: فلان متكلم. وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "إن من البيان لسحرا ". فأما ما جاء من قوله:
فصبحت والطير لم تكلم.
وقوله:
عجبت لها أني يكون غناؤها ... فصيحاً ولم تفغر بمنطقها فما
فمجاز لا حقيقة له. كما قيل:
إلى ملك أظلافه لم تشقق1
وكما أنشد سيبويه:
وداهية من دواهي المنون ... ترهبها الناس لا فالها2
فجعل للداهية فما استعارة. وكشف هذا شاعر محدث فقال3:
وسألت من لا يستجيب فكنت في استخباره ... كمجيب من لا يسأل
ويكشف هذا المعنى للمتأمل أن العرب لشرف الكلام عندهم وأن القليل المفيد منه عندهم كثير أنهم يقولون: وقال فلان في كلمته. إنما يريدون القصيدة. وكشف هذا المتأخر ما أريد فقال: