ومن هذا الجنس أيضاً الابتداء في القصائد فإنه يحتاج إلى تحرز فيه حتى لا يستفتح بلفظ محتمل أو كلام يتطير منه وقد روى أن ذا الرمة أنشد هشام بن عبد الملك قصيدته البائية فلما ابتدأ وقال:
ما بال عينك منها الماء ينسكب ... كأنه من كلى مفرية سرب
قال هشام: بل عينك1
وقد كان أبو الطيب افتتح قصيدته التي مدح فيها عضد الدولة بقوله:
أوه بديل من قولتي واها ... لمن نأت والحديث ذكراها
فقال له: أوه وكيه ويقال إن بعض الشعراء2 دخل على الداعي العلوي3 في يوم مهرجان فأنشده:
لا تقل بشرى ولكن بشريان ... غرة الداعي ويوم المهرجان
فبطحه وضربه خمسين عصاً وقال: إصلاح أدبه أبلغ في ثوابه.
وكان شيخنا يعيب قول أبي الطيب:
إذا ما لبست الدهر مستمعاً به ... تخرقت والملبوس لم يتخرق
ويقول: إذا طولب الشاعر بحسن الأدب وجب أن لا يقابل الممدوح بمثل هذا الكلام.