والجنون وذكر القفا من الألفاظ التي تستعمل في الذم وليست من ألفاظ المدح.
وقد كان بعض الأدباء يعيب قول ابن الرومي:
من شعرها من فضة ... وثغرها من ذهب
ويقول: إن التشبيه بالفضة والذهب إنما يقع في المدح وكان يجب أن يهجو هذه المرأة بما يستعمل من ألفاظ الذم وطرقه.
فإن قال قائل: إذا كان التنين هو الحية وكانوا كثيراً ما يشبهون الممدوح بالحية. ويقولون: هو صل صفاة وحية واد وأرقم وأسود وغير ذلك كما قال أبو الطيب:
يمد يديه في المفاضة ضيغم ... وعيناه من تحت التريكة أرقم1
وقال آخر:
إني على رأس العدو وتحته ... لغمام قسطلة وحية واد2
وقال الرضى:
نبهت منى يا أبا الغيداق ... أصم لا يسمع صوت الراقي
ذا ريقة تهزأ بالدرياق ... كأنما أم من الإطراق3
وقال حريث بن عناب:
أترجو الحياة يا بن بشر بن مسهر ... وقد علقت رجلاك في ناب أسودا
من الصم تكفى مرة من لعابه ... وما عاد إلا كان في العود أحمدا