سر الفصاحه (صفحة 150)

أعرف ذلك ألا فاحش الاستعارة مثل قول أوس بن حجر:

وذات هدم عار نواشرها ... تصمت بالماء تولباً جدعا1

فسمي الصبي تولباً والتولب ولد الحمار. ومثل قول الآخر:

وما رقد الولدان حتى رأيته ... على البكر يمريه بساق وحافر

فسمى رجل الإنسان حافراً وهذا ليس من المعاظلة التي هي ركوب بعض الكلام بعضاً ومداخلة بعضه في بعض والصحيح من تمثيل ذلك ما ذكره أبو القاسم الآمدي وهو قول أبي تمام:

خان الصفاء أخ خان الزمان أخاً ... عنه فلم يتخون جسمه الكمد2

لأن ألفاظ هذا البيت تيشبث بعضها ببعض وتدخل الكلمة من أجل كلمة أخرى تجانسها وتشبهها مثل خان وخان ويتخون وأخ وأخ فهذا هو حقيقة المعاظلة.

وكذلك قول أبي تمام أيضاً:

يا يوم شرد يوم لهوي لهوه ... بصبابتي وأذل عز تجلدي

فقوله: يا يوم شرد يوم لهوى لهوه شديد التعاظل حتى كأنه سلسلة.

ومنه أيضاً قول أبي تمام:

يوم أفاض جوى أغاض تعزياً ... خاض الهوى بحري حجاه المزبد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015