عند الصباح فإذا كان الضد من ذلك حصل على الهلاك فلم يرض أبو الحسن أن تقع أصبح في كلام الله تعالى حشوا بل تأول ذلك كما يتأوله مثله وفي ضمن قوله الشهادة بما ذكرناه والإذعان له. فإن قال قائل: كيف يمكنكم أن تقولوا هذا وعلى الصحيح من مذاهبكم أن دليل الخطاب عندكم ليس بحجة وأن تعليق الحكم باسم أو صفة أو شرط أو غاية لا يدل على انتفائه بانتفاء ذلك وإذا كان هذا قولكم فليس في قول القائل: أصبحي السكر حلواً دليل على أنه لم يمس كذلك كما زعمتم أن ليس في قول النبي صلى الله عليه وسلم: " في سائمة الغنم الزكاة" 1 دليل على أن المعلوفة لا زكاة فيها ولا يمتنع عندكم أن يقال في ساعة الغنم الزكاة وإن كانت واجبة في معلومتها فكذلك لا يقبح أن يقال أصبح العسل حلواً. لأن وإن كان قد أحسن أيضاً بهذه الصفة قيل الجواب عن هذا السؤال: إن الفرق بين ما نحيره من تعايق الحكم بصفة وثبوته لما انتفت عنه تلك الصفة في مثل الصفة في مثل قوله عليه السلام في سائمة الغنم الزكاة وبين ما تكرهه من قول القائل أصبح السكر حلواً لأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال: "في سائمة الغنم الزكاة" فليس مراده أن يبين لنا حال المعلوفة هل تجب فيها الزكاة أم لا بل هي مسكوت عنها فنجوز فيها ما كنا نجوزه في السائمة قبل هذا القول وليس كذلك قول القائل: أصبح العسل حلواً لأنه يريد حلو في كل حال من صباح أو مساء فلذلك كان ذكر الصباح حشواً. ومثاله في مسألتنا أن يكون صلى الله عليه وسلم يقصد أن يبين لنا حال الزكاة في الغنم جميعها السائمة والمعلوفة ثم يقول في سائمة الغنم الزكاة فإنا نقول إن هذا اللفظ غير موافق للمقصود إذ كان لا يعطينا تصريحه ولا فحواه في المعلوفة حكماً كما قلنا إن من أراد أن يصف لنا العسل بالحلاوة