سر الفصاحه (صفحة 139)

أن تفيد فائدة مختارة ولكل من ذلك مثال فمثال الكلمة التي تقع حشوا وتفيد معني حسناً قول أبي الطيب:

وتحتقر الدنيا احتقار مجرب ... يرى كل ما فيها وحاشاك فانياً

لأن حاشاك ها هنا لفظة لم تدخل إلا لكمال الوزن لأنك إذا قلت احتقار مجرب يرى كل ما فيها فانياً كان كلاماً صحيحاً مستقيما فقد أفادت مع إصلاح الوزن دعاءً حسنا للممدوح في موضعه. ومثله قول أبي محلم: 1

إن الثمانين وبلغتها ... قد أحوجت سمعي إلى ترجمان

لأن وبلغتها تجرى مجرى وحاشاك في الفائدة ولو ألغيت من البيت لصح المعنى دونها على حد ما قلناه في البيت الأول وليس يخفى على المتأمل حسن المقصود بحاشاك وبلغتها في هذين الموضعين.

وكذلك أيضاً قول أبي الطيب:

نهبت من الأعمار ما لو حويته ... لهنئت الدنيا بأنك خالد

لأن قوله لهنئت الدنيا بمنزلة الحشو إذ كان المعنى يتم من دونه ولو استوى له أن يقول نهبت من الأعمار ما لو حويته لخلدت في الدنيا لكان المعنى مستقيما لكنه لما احتاج إلى ألفاظ يصح بها الوزن جاء بقوله لهنئت الدنيا فأنى بزيادة من المدح وفضلة من التقريظ والوصف لإخفاء بحسن موقعها فهذا وما أشبهه هو الحشو المحمود المختار.

وقد زل في هذا الموضع أبو هاشم عبد السلام بن محمد فالحق الحشو الجيد بالرديء وقال في المسائل البغداديات في مسألة ذكرها في إيجاز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015