سر الفصاحه (صفحة 124)

ذا قلب لسر كما لو كانت البيض ذوات قلوب لأسفت فلم يزد على أن فسر مراد أبي الطيب بقوله: إن الطيب يسر بمفرق هذه المرأة والبيض تتحسر. والمعنى ظاهر فيه لا خفاء به.

وقوله: إن مراده لو كان الطيب ذا قلب لسر ليس بعذر في قوله قلوب الطيب لأن بين قوله: لو كان للطيب قلب وبين قوله للطيب قلب فرقاً ظاهراً لا يخفى على أحد لأن أحدهما قد جعله واجباً والآخر ممتنعاً ليس فيه أكثر من الفرض الذي يعلم من فحوى اللفظ انه لم يقع وليس يخفى على متأمل أن بين قول البحتري:

فلو أن مشتاقاً تكلف غير ما ... في طبعه لمشى إليه المنبر1

وبينه لو كان قال: إن المنبر مشى إليك ميزة بينة ظاهرة. وهذا أمر لا يستمر في مثله شبهة فيحتاج إلى الإسهاب في إيضاحه. وأما قوله: إنه جعل للزمان فؤاداً ملأته هذه الهمة على مقابلة اللفظ باللفظ لما افتتح البيت بقوله:

تجمعت في فؤاده همم

فليس بمعتمد لأن مقابلة اللفظ باللفظ على ما أراده مجاز والمجاز لا يقاس عليه وليس يحسن بنا أن نقابل اللفظ باللفظ في كل موضع من الكلام قياساً على مقابلة اللفظ باللفظ في قوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} 2 كما لا يجوز منا أن نحذف المضاف ونقيم المضاف إليه مقامه أبداً اتباعاً لقوله عز اسمه: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا} 3 والمراد أهل القرية حتى نقول ضربت زيداً ونريد غلام زيد والعلة في الجميع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015