سر الفصاحه (صفحة 12)

فصل في الحروف

الحرف في كلام العرب يراد به حد الشيء وحدته. ومن ذلك حرف السيف إنما هو حده وناحيته. وطعام حريف: يراد به الحدة. ورجل محارف أي محدود عن الكسب. وقولهم: انحرف فلان عن فلان أي جعل بينه وبينه حدا بالبعد.

وفسر أبو عبيدة معمر بن المثنى1 قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} 2 أي لا يدوم. وفسره أبو العباس أحمد بن يحيى3 أي على شك. وكلا التأويلين على ما قدمناه لأن المراد أنه غير ثابت على دينه ولا مستحكم البصيرة فيه فكأنه على حرفه أي غير واسط منه.

وسميت الحروف حروفاً لأن الحرف حد منقطع الصوت. وقد قيل: إنها سميت بذلك لأنها جهات للكلام ونواح كحروف الشيء وجهاته.

فأما قولهم في القراءة: حرف أبي عمرو من القراء وغيره فقد قيل فيه: إن المراد أن الحرف كالحد ما بين القراءتين. وقيل أيضاً: أن الحرف في هذا القول المراد به الحروف كما قال الله تعالى: {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا} 4 أي والملائكة. وكقولهم: أهلك الناس الدينار والدرهم أي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015