سر الفصاحه (صفحة 103)

فإن قيل: كيف تحمدون التصغير في الكلمة على ما قدمتموه فإذا انضاف إليه تصغير آخر قبح.

وكل واحد منهما حسن في نفسه قلنا: إن التصغير المحمود معنى واحد وغير مختلف ولا متباين فنحن نكره تكراره كما نذم تكرار الكلمة الواحدة بعينها وإن كانت مرضية غير ذميمة والعلة في الجميع واحدة.

فهذا ما يتعلق بالأقسام المذكورة في الكلمة بانفرادها قد أوضحناه وبيناه. ونعود إلى ما يختص بالتأليف وينفرد له. ونقول:

إن أحد الأصول في حسنه وضع الألفاظ موضعها حقيقة أو مجازاً لا ينكره الاستعمال ولا يبعد فيه وهذه الجملة تحتاج إلى تفصيل نحن نذكره ونشرحه ونبين أمثلته ليقع فهمه والعلم به.

فمن وضع الألفاظ موضعها أن لا يكون في الكلام تقديم وتأخير حتى يؤدي ذلك إلى فساد معناه وإعرابه في بعض المواضع أو سلوك الضرورات حتى يفصل فيه بين ما يقبح فصله في لغة العرب كالصلة والموصول وما أشبههما ولهذا أمثلة:

منها قول الفرزدق يمدح إبراهيم بن إسماعيل خال هشام بن عبد الملك:

وما مثله في الناس إلا مملكا ... أبو أمه حي أبوه يقاربه

ففي هذا البيت من التقديم والتأخير ما قد أحال معناه وأفسد إعرابه لأن مقصوده وما مثله في الناس حي يقاربه إلا مملكا أبو أمه أبوه يعني هشاماً لأن أبا أمه أبو الممدوح.

ومن هذا أيضاً قول عروة بن الورد العبسى:

قلت لقوم في الكنيف تروحوا ... عشية بتنا عند ما وان رزح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015