حالاً، ورد إليك العافية وأدامها لك. ليست نكاية الشغل في قلبي بأقل من نكاية الشكاية في جسدك، ولا استيلاء القلق على نفسي بأيسر من اعتراض السقام لبدنك، ومن ذا الذي يصح جسمه إذا تألمت إحدى يديه، ومن يحل محلها في القرب إليه. ما كنت أعلم خبر العارض لك حتى تحققت ذلك من مشاركتي إياك في علتك وصحتك. ما انفرد جسمك بألم العلة دون قلبي ولا اختصت نفسك بمعاناة المرض دون نفسي. ليعلم سيدي أني سقيم بسقمه، وواجد بقلبي ما يجده بجسمه.
الاهتمام للعلة ثم الاستبشار بزوالها
أنا منزعج لشكاتك، مبتهج لمعافاتك. إن كانت علتك قد قرحت وجرحت، فإن صحتك قد أست وآنست. بلغني شكاتك فارتعت، ثم عرفت خفتها فارتحت. الحمد لله على قرب المدة بين المحنة والمنحة، والبلوى والنعمة، على أنا لم نتهالك بأيدي المخافة، حتى تداركنا الله بحسن الرافة، ولم نستسلم لخطة الحذر، حتى سلم من ورطة القدر.
شكاة أهل الفضل والسؤدد
شكاته التي تتألم لها المروءة والفضل، ويسقط لها الكرم المحض. شكاته التي غصت بها حلوق المجد، وحرجت لها صدور الأدب، وبدا الشحوب معها على وجه الحرية، وحرم عندها البشر على غرة المروة، علته التي أعلت أكثر القلوب، وطيرت الأرواح عن جل النفوس، قد اعتل بعلته الكرم، وشكا بشكايته السيف والقلم. شكاة عرضت منه لشخص الكرم الغض، والشرف المحض، لو قبلت مهجتي فدية دون وعكة تجدها، وساعة أنس تفقدها، لبذلتها علماً بأني أفدي الكرم لا غير، والفضل ولا ضير.