السيوف على منابر الرقاب، وأقدمت الرماح على الخطط الصعاب. اعتنقت الصوارم والمناصل، وتلاحقت القنا والقنابل، واشتد أزر المصاع، وتكايل الشجعان صاعاً بصاع. قدحت نار القراع، وجالت قداح المصاع، تلاقت الفرق، واشتد الفرق، وصار الفارس إلى الفارس أقرب من ظله، والسيف أدنى إلى الوريد من حبله. استعرت الملحمة، وعلت الغمغمة. فدارت رحى الحرب، واستحرت جمرة الطعن والضرب، واشتجرت سمر الرماح، وتصافحت بيض الصفاح. احمرت الحلق، من العلق. ضاق المجال، وتحكمت الآجال. لم ير إلا رؤوس تندر، ودماء تهدر، وأعضاء تتطاير، وأجسام تتزايل. التقى الصفان، وبرزت الأقران للأقران، وخطبت الصوارم على منابر الأعناق، وسفرت السهام بين القسي والأحداق.
أعمال الأسلحة
رشق شبه فيه ترادف النبل، باتصال الوبل، وزرق أعاد الدعج زرقا، وأوسع الأهب خرقا. رشقوهم بنبال، تتحمل قطع الآجال. واتخذوا النبل رسلاً مؤدية ما حملت، ورسائل مبلغة ما أودعت. ما منهم إلا رام لا يخطيء الأهداف، ولا يتجاوز الشغاف، تجوز نبالهم الدرق إلى الحدق، وتنفذ إلى الحلوق من خلل الحلق. أتتهم السهام كرجل الجراد، والزانات الجداد كذا صادرة عن السواعد الشداد. أوسعوهم ضرباً ومشقا، وطعناً ورشقا، وجرحاً وزرقا. ضربه بعض الغلمان ضرباً رعلا، وثناهم بعض العرب بطعنة نجلا. تواصت الضربات، بين زرق بالزانات لا يعرف إنصافا، وضرب بالمرهفات يفلق الهام أنصافا. أخذت الرماح تطير شررها، والرؤوس تفارق قصرها. ثملت الرماح من الدماء فتعثرت في النحور، وتكسرت في الصدور. اشتجرت سمر الرماح، وتصافحت بيض الصفاح. سيوف أغمادها الرؤوس