التوقيف دون التثقيف والتعليم، دون التقويم، والإعذار والإنذار دون الإيقاع والإيجاع. هو بعرض إنكار يسيل دموعه، ويقيم ضلوعه. قد استحق أن يحمل أثقال المعاقبة، ويعرف آيات سوء العاقبة. أنزله منزلة مثله ممن أساء حفظ الوديعة، وجوار الصنيعة، فاستوجب نزعهما منه، وتحويلهما عنه. ضاق به كنف العفو، وحقت عليه كلمة الطو. قد اسودت صحيفته، وأغلق باب التوبة دونه، وحيل بين العفو وبينه. عثراته محظورة على الإقالة وهناته تجني له ثمر الضلالة.
الأبراق والأرعاد
سيعلم المخذول كيف يرمي بحجره، وتشبع الوحوش من جيفته ونفره، الأهب لا ستيصاله مأخوذة، والسيوف لقتاله مشحوذة. سيبلغ في بابه ما يتأدب به كل جامع في عنائه، وطامح إلى ما ليس من شأنه. ستراه وليست له عينى طارفة، ولا جثة واقفة لأكشفنه لكل ليل بارد، ونهار واقد. سينزل بأولئك الأغمار قاطعات الأعمار. إما ذل واستكان، وإما هلك قتل قد كان. قد تكون للباطل جولة، وللفساد مهلة. ثم تأتي من الإنتقام والاصطلام، ما يسقط الهام على الاقدام. أما فلان فسيراق على الضلال دمه، وتتطاير على الجذوع رممه. لم يدر أن العزيمة من مولانا تترك أمثاله مثلا، وتجعله لأهل الشقاق مثلا. أما علم أن مولانا إذا رماه بشعبة من أفكاره ومسه بجذوة من ناره. عاد حرصه ندما. وصار وجوده عدما، وغودر أشياعه بددا، بل طرائق قداد. أتدرون ويحكم في أي حتف تورطتم وأي شر تأبطتم. إما فطمكم عن رضاع الحيف، وإما حسمكم بغرار السيف، تمثل هذه المقانب وتصور هذه الكتائب، وأخطر ببالك قلبها، فإن قلبك يدل على حالك، وميمنتها فإن يمينك تتقاصر عن شمالك؛ وميسرتها فإن اليسرى تتراجع عن أمورك، وجناحها فإنك تجنح عن كافة شؤونك.