البرد حجابا، والثلج حجازا، برد يعبس له الوجه الطلق. برد يزوي الوجوه، ويعمش العيون، ويسيل الأنوف. برد يغير الألوان، ويقشف الأبدان. برد يقضقض الأعضاء، وينفض الأحشاء. برد أجمد الريق في الأشداق، والدمع في الآماق. حال بين الكلب وهريره، والأسد وزئيره، والطير وصفيره، والماء وخريره، نحن بين لثق ودمق وزلق.

في الاستظهار على البرد

ليس للبرد كالبرد والجمر، إذا كلب الشتا، فدرياق سمومه الصلا.

في نعت الأيام الشتوية

يوم كأن الأرض شابت لهوله. يوم فضي الجلباب، مسكي النقاب. يوم عبوس قمطرير، كشر عن ناب الزمهرير، وفرش الأرض بالقوارير. يوم أخذت الشمال زمامه، وكساه الصر ثيابه. يوم كأن الدنيا فيه كافورة. والأرض قارورة، والسماء بلورة. يوم أرضه كالقوارير اللامعة، وهوآؤه كالزنانير اللاسعة. يوم أرضه كالزجاج، وأعالي الزجاج. يوم يثقل فيه الخفيف إذا هجم، ويخف الثقيل إذا هجر.

أبواب ذكر الليل والنهار

ووصف أوقاتهما واختلاف أحوالهما، وما يتصل بهما

في ذكر اقبال الليل وانتشار الظلمة وطلوع الكواكب

أقبلت عساكر الليل، خفقت رايات الظلام، خلع الليل علينا فروته، وألبسنا الظلام بردته. تفقد الشفق، في ثوب الغسق، قيد الظلام الحاظ العيون. وستره الظلام بذيله. أقبلت وفود النجوم. جاءت مواكب الكواكب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015