وقوله: {لَا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: 21] ، ولم يقل لا يصلون، يدل على أن السجود مقصود لنفسه، وأنه يتناول السجود في الصلاة وخارج الصلاة، فيتناول أيضاً الخضوع والخشوع، كما مثل. فالقرآن موجب لمسمي السجود الشامل لجميع أنواعه، فما من سجود إلا والقرآن موجب له، ومن لم يسجد إذا قرئ عليه مطلقاً فهو كافر، ولكن لا يجب كل سجود في كل وقت، بل هو بحسب ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن الآية دلت على تكرار السجود عند تكرار قراءة القرآن عليه، وهذا واجب إذا قرئ عليه القرآن في الصلاة وخارج الصلاة، كما تقدم. والله أعلم.
وأما الأمر المطلق بالسجود، فلا ريب أنه يتناول الصلوات الخمس. فإنها فرض بالاتفاق، ويتناول سجود القرآن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سن السجود في هذه المواضع. فلابد أن يكون ما تلي سبباً له، وإلا كان أجنبيا. والمذكور إنما هو الأمر، فدل على أن هذا السجود من السجود المأمور به، وإلا فكيف يخرج السجود المقرون بالأمر عن الأمر، وهذا كسجود الملائكة لآدم لما أمروا.
وهكذا جاء في الحديث الصحيح: " إذا قرأ ابن آدم السجدة اعتزل الشيطان يبكي. يقول: يا ويله. أُمِر ابن