ولقيه أبان بن سعيد [ (?) ]- وأسلم بعد ذلك، فرحّب به أبان وأجاره، وقال: لا تقصر عن حاجتك، ثم نزل عن فرس كان عليه فحمل عثمان على السّرج وردف وراءه وقال:
أقبل وأدبر لا تخف أحدا ... بنو سعيد أعزّة الحرم
فدخل به مكّة، فأتى عثمان أشراف قريش- رجلا رجلا- فجعلوا يردّون عليه: إنّ محمّدا لا يدخلها علينا أبدا، ودخل على قوم مؤمنين من رجال ونساء مستضعفين بمكة فقال:
إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: قد أظلّكم حتى لا يستخفى بمكة اليوم بالإيمان،
ففرحوا بذلك، وقالوا: اقرأ على رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- السّلام.
ولمّا فرغ عثمان من رسالة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى قريش قالوا له: إن شئت أن تطوف بالبيت فطف، فقال: ما كنت لأفعل حتى يطوف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأقام عثمان بمكة ثلاثا يدعو قريشا.
وقال المسلمون- وهم بالحديبية، قبل أن يرجع عثمان-: خلص عثمان من بيننا إلى البيت فطاف به،
فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «ما أظنّه طاف بالبيت ونحن محصورون» ،
وقالوا:
وما يمنعه يا رسول الله وقد خلص إليه قال: «ذلك ظنيّ به ألّا يطوف بالكعبة حتى نطوف» ، وعند ابن جرير وابن أبي حاتم عن سلمة بن الأكوع- مرفوعا- «لو مكث كذا كذا سنة ما طاف حتى أطوف» فلمّا رجع عثمان إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال المسلمون له: اشتفيت من البيت يا أبا عبد الله!! فقال عثمان: بئس ما ظننتم بي! فو الذي نفسي بيده لو مكثت مقيما بها سنة ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- مقيم بالحديبية ما طفت حتى يطوف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولقد دعتني قريش إلى أن أطوف بالبيت فأبيت. فقالوا: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- أعلمنا وأحسننا ظنا.
وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- يأمر أصحابه بالحراسة باللّيل، فكانوا ثلاثة يتناوبون الحراسة:
أوس بن خولي- بفتح الخاء المعجمة والواو- وعباد بن بشر، ومحمد بن مسلمة- رضي الله عنهم- وكان محمد بن مسلمة على حرس رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ليلة من الليالي، وعثمان بن عفان بمكة. وقد كانت قريش بعثت ليلا خمسين رجلا، عليهم مكرز بن حفص، وأمروهم أن يطوفوا بالنبي- صلى الله عليه وسلّم- رجاء أن يصيبوا منهم أحدا، أو يصيبوا منهم غرّة، فأخذهم محمد بن