الباب السادس في سبب نزول سورة الإخلاص

روى أبو الشيخ في العظمة عن أنس بن مالك، وابن أبي حاتم، وابن عدي، والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس والطبراني في السنة عن الضّحّاك، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة، أن رهطا من اليهود منهم كعب بن الأشرف وحييّ بن أخطب، جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: «يا محمد، هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله» ؟ فغضب النبي صلى الله عليه وسلم حتى انتقع لونه، ثم ساورهم غضبا لربّه، فجاء جبريل فسكّنه وقال: «خفّض عليك يا محمد» ، وجاءه من الله عز وجل بجواب ما سألوه [عنه] فانزل الله تعالى قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص 1] [ (?) ] ، أصل أحد هنا واحد، لأنه بمعنى الواحد، قلبت الواو همزة، وهو دالّ على جميع صفات الجلال، كما دلّ الله على جميع صفات الكمال، إذ الواحد الحقيقي ما يكون منزّه الذات عن اتحاد التركيب والتعدّد، وما يستلزمه أحدهما كالجسمية والتّحيّز (الله الصّمد) :

المقصود في الحوائج على الدوام، أو هو الذي قد انتهى في سؤدده، فيصمد الناس إليه في حوائجهم، والخلائق يفتقرون إلى رحمته، أو هو من لا جوف له، أو هو الكامل في جميع صفاته، أو الذي لا يطعم ولا يخرج منه شيء، أو الباقي بعد فناء خلقه، والله تعالى هو الموصوف بهذا على الإطلاق، فإنه مستغن عن غيره مطلقا، وكل ما عداه يحتاج إليه في جميع جهاته، وتعريفه بصمديته بخلاف أحديته. وتكرر الاسم الكريم للإشعار بأنه من لم يتصف به

طور بواسطة نورين ميديا © 2015