مضمر [متروك إظهاره، تقديره] أسبّح الله سبحان. ثم نزل منزلة الفعل فسدّ مسدّه ودلّ على التنزيه البليغ من جميع القبائح التي يضيفها إليه أعداء الله» .

الطيبي رحمه الله تعالى: «وذلك في جلب هذا المصدر في أصل هذا التركيب للتوكيد، وهو أسبّح تسبيحا ثم أسبح سبحان، ثم في حذف العامل وإقامته مقامه للدلالة على أن المقصود بالذات هو المصدر، والفعل تابع، فيفيد الإخبار بسرعة وجود التنزيه» .

وروى عن الكسائي أنه جعل منادى تقديره يا سبحانك، وأباه الجمهور.

السفاقسي والسمين [ (?) ] : «وردّ بأنه لم يسمع دخول حرف النداء عليه، وزعم بعضهم أن لفظه لفظ التثنية ومعناه كذلك كلبّيك. وهو غريب. ويلزمه أن يكون مفرده سبحا وألا يكون منصوبا بل مرفوعا، وأن نونه لم تسقط بالإضافة وأن فتحها يلزم» .

ومن الغرائب أيضا ما حكاه الماوردي عن أبان بن تغلب- بالمثناة الفوقية والغين المعجمة- أن سبحان كلمة أصلها بالنبطية «شبهانك» فعرّبت «سبحانك» . والذي أضيف إلى سبحان مفعول به لأنه المسبّح، ويجوز أن يكون فاعلا لأن المعنى تنزه الذي أسرى بعبده.

الخامس: في الكلام على «أسرى» :

البرهان النسفي: قال أهل اللغة: أسرى وسرى لغتان. زاد غيره: يختصان بسير الليل.

السمين: فيكون سرى وأسرى كسقى وأسقى. والهمزة هنا ليست للتعدية، خلافا لابن عطية، وإنما المعدّى الباء في «بعبده» . وتقدم في البقرة أنها لا تقتضي مصاحبة الفاعل للمفعول عند الجمهور، خلافا للمبرد. وبسط الكلام على ذلك هنا وفي البقرة.

السفاقسي: الباء للتعدية وترادف الهمزة عند الجمهور خلافا للمبرد والسهيلي في أنها تقتضي مصاحبة الفاعل للمفعول في الفعل بخلاف الهمزة حتى قال السهيلي: إذ قلت قعدت به فلا بد من مشاركة ولو باليد. وردّ عليهما بالآية: ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ [البقرة 17] لأن الله لا يوصف بالذهاب مع النور. وردّ عليهما أيضا بقول الشاعر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015