وقال تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)} [الرحمن:26 - 27]، وقال تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88)}.
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي قال له جبريل عليه السلام: "يا محمَّد عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه" (?).
عباد الله! بعد أن فتح رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مكة وأرسل إلى ملوك ورؤساء الدول الكبرى يدعوهم إلى الإِسلام، وبدأ الناس يدخلون في دين الله أفواجاً؛ أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشير إلى اقتراب أجله، وُيعرضُ بقرب أجله.
فقبل حجة الوداع، خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع معاذ بن جبل - رضي الله عنه - يودعه ويوصيه عندما بعثه إلا اليمن، ومعاذ راكب ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي تحت راحلته، فلما فرغ - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا معاذ، إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا ولعلك أن تمر بمسجدي هذا وقبري".
فبكى معاذ جشعاً لفراق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم التفت - صلى الله عليه وسلم - فأقبل بوجهه نحو المدينة، فقال: "إن أولى الناس بي المتقون؛ من كانوا وحيث كانوا" (?).
ووقع ما أشار إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن معاذاً أقام باليمن حتى كانت حجة الوداع، ثم كانت وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع، ومعاذ باليمن.
وكان - صلى الله عليه وسلم - يعتكف كل سنة عشراً في شهر رمضان، فاعتكف في السنة الأخيرة عشرين ليلة، وكان جبريل يعارضه القرآن مرة في شهر رمضان،