صاح صيحة شديدة، أفزعت من حوله من اليهود فلم يبق حصنٌ إلا أوقد النار -أي استيقظ من نومه- وفي الصباح علمت بمصرع طاغيتها كعب بن الأشرف فدب الرعب في قلوبهم العنيدة {جَزَاءً وِفَاقًا (26)} {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}.

وهكذا يفعل الله بكل من مكر بالإِسلام والمسلمين، قال تعالى: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} [فاطر: 43].

عباد الله! هذا عذابهم في الدنيا، قتلٌ، خزيٌ، فضيحة، أما في الآخرة فالعذاب الأليم قال تعالى: {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (33)}، وقال تعالى: {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ (16)}

ليعلم الجميع أن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله.

العنصر الثالث: اليهود يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين، فاعتبروا يا أولى الأبصار.

عباد الله! بعد غزوة بدرٍ الكبرى أرسل كفار مكة كتاباً إلى اليهود في

المدينة يهددونهم بكذا وكذا إذا لم يقتلوا محمداً - صلى الله عليه وسلم -، فلما وصل الكتاب إلى اليهود في المدينة، أجمعت بنو النضير على الغدر ونسوا ما بينهم وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - من العهد والميثاق.

فأرسلوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: اخرج لنا في ثلاثين من أصحابك وليخرج منا ثلاثون حبراً؛ حتى نلتقي بمكان المنصف؛ فيسمعوا منك فإن صدقوك وآمنوا بك؛ آمنا بك- وهم بذلك يريدوا أن يغتالوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن معه من أصحابه- {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54)} [آل عمران: 54].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015