وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا (56)} [الكهف: 56] وأخبرنا ربنا -جل وعلا- أن الذين يدفعونهم إلى هذا الجدال بالباطل هم شياطين الإنس والجن.
قال تعالى: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ} [الأنعام: 121]، وقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (3)} [الحج: 3].
وقد وصف ربنا -جل وعلا- لنا هؤلاء أنهم يجادلون بغير علم، ولا هدى، ولا كتاب منير، وأن الدافع لذلك هو الكبر في قلوبهم، فقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (8)} [الحج: 8]. وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56)} [غافر: 56].
عباد الله! ومن الأمور التي جادل فيها المشركون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
عندما دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس في مكة إلى الإيمان بالبعث بعد الموت، أنكر المشركون ذلك، وجادلوا في عقيدة البعث فأكثروا فيها الجدل، قال تعالى عنهم: {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (3)} [ق: 3]. وقال تعالى: {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82)} [المؤمنون: 82].
ولم يتوقف كفار مكة على استبعاد البعث بعد الموت بل أقسموا باللهِ لا يبعث الله من يموت، فقال تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ} [النحل: 38]، فأقسم الله لهم بنفسه على أن البعث بعد الموت حق وكائن، فقال تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ} [مريم: 68].