أحد أَن يجْتَهد فِي كل مَسْأَلَة.. لَو تتبعت أَخْبَار السّلف لوجدتهم يعتمدون ويلجأون فِي الْمسَائِل الَّتِي تخفى عَلَيْهِم إِلَى من هُوَ أفقه مِنْهُم مِمَّن سبقهمْ أَو عاصرهم وَالشَّيْء الْمَحْذُور هُوَ التعصب الَّذِي يعمي قلب صَاحبه عَن النّظر ويمنعه من اتِّبَاع الْحق1. أما الْعَوام فيقلدون أهل الْعلم الْمَوْجُودين بَينهم وَلَيْسَ لوَاحِد مِنْهُم أَن يلْتَزم مذهبا أَو يَدعِي الانتماء إِلَى أحد..
لَكِن بتأمل معنى ـ العامية ـ نجد أَنَّهَا على نَوْعَيْنِ: فهناك الْعَاميّ الْمُطلق وهم الدهماء الَّذين لَا يملكُونَ من أدوات الْعلم شَيْئا أَو هم الْجُهَّال فَهَؤُلَاءِ يقلدون الْمُفْتِينَ..
وَقد ذكر الْعلمَاء أَنه عِنْد عدم الْمُفْتِي الْمُجْتَهد الَّذِي يطمئن الْإِنْسَان إِلَى علمه وورعه لَهُ أَن يُقَلّد لنَفسِهِ وَلَا يُفْتِي بِمَا قلد.
وَهَذَا هُوَ الْحق إِن شَاءَ الله وَإِلَّا لوقع النَّاس فِي أحد أَمريْن:
1 ـ فِي الْحَرج والشدة إِذا كلفنا كل مُسلم أَن ينظر فِي الْأَدِلَّة ويجتهد فيتخبط النَّاس فِي الْأَحْكَام مَا بَين مَحل ومحرم ويجترئون على الْفَتْوَى وَالِاجْتِهَاد بِغَيْر علم وَلَا بَصِيرَة، ويغلبهم علم الِاخْتِلَاف فيضلون لعدم معرفتهم لطريقه وإدراكهم لأسراره أَو قدرتهم على الغوص فِي بحاره..
2 ـ أَو يتْرك النَّاس الْعَمَل بِكَثِير من الْأَحْكَام ويهملونها، تَحت وَطْأَة وهم الِانْتِظَار حَتَّى يتَرَجَّح الدَّلِيل وتتضح الْآثَار.. ونتيجة لعدم المبالاة بِمَا ذهب إِلَيْهِ السّلف وَقَالَهُ الْعلمَاء..