لم يُؤلِّفوا» (?) .

وما ذهبَ إليه هؤلاءِ المنتقدون فيه نظرٌ؛ وذلك أنه يترجَّحُ لنا أن الدارقطنيَّ لم يقصِد الوزيرَ ابن حِنْزابَة سعيًا وراء المال والعَطاء، بل قصده رغبةً في العلم والأجر، فلم يكن ابن حِنْزابَة وزيراً فحسب، بل كان قبل ذلك عالماً وحافظاً من أهل الحديث، قال فيه الذهبيُّ: «الإمام الحافظ الثقة الوزير الأكمل ... » (?) . ونقل عن السِّلَفيِّ أنه قال فيه: «كان ابن حِنْزابةَ من الحفَّاظ الثقاث المتبجِّحينَ بصُحبة أصحاب الحديث، مع جَلالة ورياسة، يَروي ويُملي بمصرَ في حال وزارته، ولا يختار على العلم وصُحبة أهله شيئًا، وعندي من أماليه ومن كلامه على الحديث وتصرُّفه الدَّالِّ على حِدَّةِ فهمه ووُفور علمه» (?) .

ولم يكتفِ الدارقطنيُّ في مصرَ بمساعدة ابن حِنْزابةَ في "مسنده"، بل تنقَّل فيها ولقيَ الشُّيوخَ، وسمع الكتبَ، وأفاد طلاَّب العلم، وحرص على لقاء الشيوخ وإن خفي مكانهم، ومن ذلك ما ذكره الذهبيُّ في ترجمة أبي بكر محمَّد بن علي النقَّاش (?) : أن الدارقطنيَّ قد رحَلَ إليه إلى تِنِّيس (?) ، وكان مُنزَويًا بها، فلهذا لم ينتشر حديثه (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015