وإذا علمنا أن السُّودانيَّ مات في سنة ستٍّ وعشرينَ وثلاثِ مئة، أدركنا أن ذهابَ الدارقطنيِّ إلى الكوفة كان قبلَ هذا التاريخ يقينًا، أي قبل أن يبلغَ العشرينَ من عمره. ولا يخفى ما في هذه القصَّة أيضًا من دلالةٍ على مكانةِ الدارقطني ومنزلته الرفيعة وهو بعدُ في بواكير شبابه ورَيِّق فُتوَّته.

ومن الأمصار والبلدان التي قصَدها ويمَّم وجَهَهُ شَطرَها: خُوزِسْتان، ومنها مصرُ التي حطَّ رحالَه فيها سنة سبعٍ وخمسينَ وثلاث مئة كما أخبر عن نفسه (?) ، وفي طريقه إليها دخل دمشقَ وحدَّث بها (?) .

وتعدُّ رحلتُه إلى مصرَ أبرز تلك الرِّحْلات وأغناها؛ لأنَّها كانت في كُهولَتِه بعد أن علا كَعْبُه في العلم، وطالَ باعُه فيه، واستوى محدِّثاً بعيدَ الغَور حاذقَ الفهم ألمعيًّا. وقد قصد فيها إلى الوزيرِ أبي الفضل ابن حِنْزابةَ (?) وزير كافورٍ الإخْشِيديِّ لمَّا بلغه أنَّه عازمٌ على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015