وأعتقد أن كلام الهراس وما بنى عليه من الكلام الذي قبله لا يعدم ناقداً أو معترضاً؛ لأن الأحكام لا تثبت بالحديث الضعيف، كما هو معلوم، والعدل وحسن المعنى إنما هو في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت عنه، فإذا ثبت هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون ما تضمنه هو العدل والحق، وإذا لم يثبت لا يفيد فيه حسن معناه، ولا يمكن أن يقال: فات رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فيه من العدل إذا كان كذلك.
قال ابن القيم في "تهذيب سنن أبي داود"1: "وليس مع من ضعّف الحديث حجة؛ فإن رواته محتج بهم في الصحيح، وهم أشهر من أن يسأل عن توثيقهم، وقد حسّنه إمام المحدثين أبو عبد الله البخاري، والترمذي بعده، وذكره أبو داود ولم يضعّفه، فهو حسن عنده، واحتج به الإمام أحمد، وأبو عبيد.
وقد تقدم شاهده من حديث رافع بن خديج في قصة الذي زرع في أرض ظهير بن رافع، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحاب الأرض أن يأخذوا الزرع، ويردوا عليه نفقته، وقال فيه لأصحاب الأرض: "خذوا زرعكم"2