كالأعراب الذين أخبر الله عنهم، فإنه ينتفي رسوخ الإيمان في القلب، وتثبت لهم المشاركة في أعمال الإسلام الظاهرة مع نوع إيمان يصحح لهم العمل، إذ لولا هذا القدر من الإيمان لم يكونوا مسلمين، وإنما نفى عنهم الإيمان لانتفاء ذوق حقائقه ونقص بعض واجباته وهذا مبني على أن التصديق القائم بالقلوب يتفاضل وهذا هو الصحيح ... "1.
فالآية فيها دليل على أن الإيمان مراتب وأنه يتفاضل، فإذا كان كذلك فهو يزيد وينقص، ويزيد المسلم فيه حتى يبلغ أعلى درجات الدين، وينقص حتى لا يبقى منه شيء، والله أعلم.
ثاني عشر- إخباره سبحانه بأن الذنوب تذهب الإيمان شيئاً فشيئاً حتى يطبع على القلب ويختم عليه من كثرة الذنوب.
كما في قوله تعالى: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} 2 وبهذا جاء التفسير لهذه الآية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن المؤمن إذا أذنب ذنباً نكت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب ونزع واستغفر صقل منها قلبه، فإن زاد زادت حتى تعلو قلبه فذلك الران الذي قال الله عز وجل: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} 3.