مؤمن إن شاء الله للشك في ثبوت الإيمان للحال، فإن بينهما خلافاً في جواز إطلاق هذا الاستثناء بالنظر إلى إيمان المآل والموافاة، فلم يجوزه الماتريدية وأوجبه الأشاعرة، وعلل الماتريدية عدم تجويزه "بأن النفس قد تعتاد التردد في إيمان الحال بسبب ترددها في ثبوت الإيمان واستمراره، وهذه مفسدة قد تجر آخر الحياة إلى الاعتياد به، خصوصاً والشيطان متبتل بالإنسان لا شغل له سواه، فيجب حينئذ تركه"1.

فإيمان الموافاة الذي يوجب الأشاعرة الاستثناء نظراً إليه لا يجيز الماتريدية الاستثناء لأجله، فكيف يقال بعدئذ إن الخلاف بينهما لفظي، ومن المعلوم أيضاً أن بعض الماتريدية لا يجيز الصلاة خلف المستثني ولا أكل ذبيحته ويعدونه شاكاً في إيمانه دون تمييز منهم بين إيمان موافاة أو غيره.

وعلى كل فسواء أكان الخلاف بينهما حقيقياً أو لفظياً فإن الطائفتين غالطتان فيما ذهبتا إليه، ولم تصب أي واحدة منهما الحق، وإنما الذي أصاب الحق في هذا وناله هم أهل السنة والجماعة، وقد سبق شرح مذهبهم وبيانه والتدليل عليه، وإبطال ما خالفه من الأقوال المحدثة، وبالله وحده التوفيق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015