المتبوع، وأن الله عز وجل لم يفضل الناس بعضهم على بعض برشاقة الأجسام ولا بصباحة الوجه، ولا بحسن الزي وكثرة الأموال، ولو كانوا بذلك متفاضلين لما كانوا به عنده ممدوحين، لأن ذلك ليس هو بهم ولا من فعلهم فعلمنا أن العلو في الدرجات والتفاضل في المنازل إنما هو بفضل الإيمان وقوة اليقين والمسابقة إليه بالأعمال الزاكية والنيات الصادقة من القلوب الطاهرة.. فهذا وأشباهه في كتاب الله يدل على زيادة الإيمان ونقصانه وتفاضل المؤمنين بعضهم على بعض وعلوهم في الدرجات.. ولو كان الإيمان كله واحداً لا نقصان له ولا زيادة لم يكن لأحد على أحد فضل"1.

ثم قال رحمه الله:"وبذلك فضل الله أوائل هذه الأمة على أواخرها ولو لم يكن للسابقين بالإيمان فضل على المسبوقين للحق آخر هذه الأمة أولها في الفضل ولتقدمهم، إذ لم يكن لمن سبق إلى الله فضل على من أبطأ عنه، ولكن بدرجات الإيمان قدم السابقون، وبالإبطاء عن الإيمان أخّر المقصرون.. إلى أن قال: ألا ترى يا أخي رحمك الله كيف ندب الله المؤمنين إلى الاستباق إليه فقال تعالى: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} 2 الآية وقال: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ} 3 الآية، فبدأ بالمهاجرين الأولين على درجاتهم في السبق ثم ثنى بالأنصار على سبقهم ثم ثلث بالتابعين لهم بإحسان فوضع كل قوم على درجاتهم ومنازلهم عنده.. إلى أن قال: فهذه درجات الإيمان ومنازله تفاضل الناس بها عند الله واستبقوا إليه بالطاعة بها فالإيمان هو الطاعة، وبذلك فضل الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015