فَغَمَزُوهُ لأجل ذَلِك، وَإِلَّا فَهُوَ ثِقَة " 1، وَقَالَ أَيْضا: "كنت شَدِيد التنقير عَن حَال ابْن مَالك حَتَّى ثَبت عِنْدِي أَنه صَدُوق لَا يُشَك فِي سَمَاعه، وَإِنَّمَا كَانَ فِيهِ بله فَلَمَّا غرقت القَطِيعة بِالْمَاءِ الْأسود غرق كل شَيْء من كتبه، فنسخ بدل مَا غرق من كتاب لم يكن فِيهِ سَمَاعه، وَلما اجْتمعت مَعَ الْحَاكِم بن عبد الله بن البيع بنيسابور، ذكرت ابْن مَالك ولينته فَأنْكر عَليّ، وَقَالَ: ذَاك شَيْخي وَحسن حَاله أَو كَمَا قَالَ " 2.

وَهَذَا الْجرْح مَحل تَأمل؛ لِأَن الثِّقَة لَا يُقدم على ذَلِك إِلَّا إِذا كَانَت هَذِه الْكتب مُعَارضَة على كتبه، قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: "مثل هَذَا لَا يطعن بِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يجوز أَن تكون تِلْكَ الْكتب قد قُرئت عَلَيْهِ، وعورض بهَا أَصله " 3، وَقَالَ ابْن كثير: "هَذَا لَيْسَ بِشَيْء؛ لِأَنَّهَا قد تكون مُعَارضَة على كتبه الَّتِي غرقت " 4، ويؤكد ذَلِك مَا تقدم من تَوْثِيق الْأَئِمَّة لَهُ، ثمَّ إِنَّهُم على شدَّة تحريهم لم يمتنعوا من الرِّوَايَة عَنهُ بِسَبَب ذَلِك، وَلَا سِيمَا أَن فيهم الْحَافِظ النَّاقِد الدَّارَقُطْنِيّ، وَلِهَذَا يَقُول الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ: "لم نر أحدا امْتنع من الرِّوَايَة عَنهُ، وَلَا ترك الِاحْتِجَاج بِهِ " 5، وَيَقُول ابْن الْجَوْزِيّ: "قد روى عَنهُ الْأَئِمَّة: الدَّارَقُطْنِيّ وَابْن شاهين والبَرْقاني، وَأَبُو نُعيم وَالْحَاكِم، وَلم يُمْتَنع من الرِّوَايَة عَنهُ، وَلَا تُرِك الِاحْتِجَاج بِهِ " 6، وَيَقُول ابْن كثير: "لم يمْتَنع أحد من الرِّوَايَة عَنهُ وَلَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015