زهره التفاسير (صفحة 997)

ومن صريح الآية يتبين أن الخلع لَا يكون إلا إذا خافا ألا يقيما حدود الله؛ ومن سياق الآيات وتناسقها، وإشارة الآية الكريمة وصريح الحديث النبوي يفهم أن الخلع يكون حيث تكون النفرة من جانب الزوجة؛ ولذلك قال ابن رشد في بيان المقصد من شرعية الخلع: (الفقه أن الفداء إنما جعل للمرأة في مقابل ما بيد الرجل من الطلاق، فإنه لما جعل الطلاق بيد الرجل إذا فرك (?) المرأة، جعل الخلع بيد المرأة إذا فركت الرجل) ولهذا قال الظاهرية إن الخلع لَا يكون إلا إذا كان النشوز من جانبها؛ لأنه إذا كان النشوز من جانبه يكون النهي عن أخذ المال لوقوعه في عموم قوله تعالى: (وَلا تمْسِكوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا. . .)، وقرروا أنه لا يجوز أن يأخذ أكثر مما أعطى، ولكن الحنفية والمالكية والشافعية سوغوا الخلع في كل الأحوال، وبأي قدر من المال، وإن كرهوا الخلع إذا كان النشوز من قبله، وكرهوا أخذ أكثر مما أعطى.

هذا وللفقهاء خلاف طويل في شأن الخلع، نتركه لكتب الفقه (?).

(تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) بعد بيان أحكام الطلاق وعدده وأحواله، قال سبحانه (تلْكَ حُدُودُ اللَّهِ) والإشارة إلى ما تقدم من الأحكام، والإشارة للبعيد لبيان علو قدرها، وعظم منزلتها، وجلال ما فيها من مصالح ظاهرة بينة لذوي الألباب؛ وسمى تلك الأحكام حدود الله للإشارة إلى أنها فاصلة بين الحق والباطل والظلم والعدل، والمصلحة والمضرة؛ وإضافتها إليه سبحانه وهو العليم الخبير البصير إشارة إلى أنه لاينبغي أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015